العلام: منع منيب من دخول البرلمان بسبب “جواز التلقيح” سابقة لا مثيل لها في تاريخ المغرب

25 أكتوبر 2021 20:03
العلام منع منيب من دخول البرلمان بسبب "جواز التلقيح": سابقة لا مثيل لها في تاريخ المغرب

هوية بريس – د.عبد الرحيم العلام

وأما منع أعضاء البرلمان من لوج مجلس النواب، فهذه سابقة لا مثيل لها في تاريخ المغرب، بل إن نواب المعارضة الاتحادية عندما مُنعوا سنة 1981 من ولوج مجلس النواب، بسبب عدم ارتدائهم اللباس الرسمي (بسبب مقترح تقدم به -يا للصدفة!- النائب أحمد نضيفي عن حزب التجمع الوطني للأحرار، يلزم النواب بلباس “الجلابة والسلهام”)، سارع رئيس مجلس النواب آنذاك “الداي ولد سيدي بابا” إلى استقبال الأعضاء الممنوعين في مكتبه، وجعلهم يتابعون الافتاح عبر شاشة التلفاز، وليس كما فعل الرئيس التجمعي الذي أصدر مذكرة تمنع النواب من دخوله إلا عبر إدلائهم بجواز التلقيح، ولم يكلف نفسه حتى النزول من مكتبه لكي يتواصل معهم أثناء منعهم من ولوج المجلس لأداء وظيفتهم الدستورية، التي لا يمكن أن يمنعوا من أدائها بموجب قصاصة إخبارية تخالف قانون الطوارئ نفسه، بل إن مؤسسة دستورية من قبيل “المجلس الوطني لحقوق الإنسان”، راسلت رئيس الحكومة من أجل إيقاف العمل بجواز التلقيح لأن من شأن ذلك أن يحول دون تمتع المواطنين بحقوقهم.[أقتبس من هذه الرسالة: العمل على ضمان ولوج المواطنات والمواطنين للاماكن العامة وخاصة المصالح العمومية والتي لا يمكن تقييده دون قرار ودون اتخاذ الإجراءات الانتقالية الضرورية، بما لا يمس حقوق الافراد والجماعات في التمتع بالخدمات العمومية؛
استبدال “جواز التلقيح “”بالجواز الصحي”، الذي يمكن أن يشهد بالتحصين عبر:
• شهادة الكشف السلبي طبقا للإجراءات المعمول بها لصلاحياتها؛
• شهادة طبية تثبت الشفاء من كوفيدحسب المعايير المحددة لذلك.
• شهادة طبية تثبت عدم إمكانية أخذ التلقيح، مسلمة من طرف الطبيب المعالج، للأسباب المحددة طبيا وعلميا؛]
من الناحية القانونية، وحتى إذا تم تشريع “فرض جواز التلقيح” وفق الأصول المعمول بها (وليس عبر قصاصة مجهولة الهوية)، فإن منع نواب البرلمان من دخوله، يستدعي أولا تغيير القانون الداخلي لمجلسي البرلمان، بحيث يتم إدراج إمكانية منع برلماني من دخول المجلس إذا ما صدر قانون يوجب ذلك. لأنه لا يعقل أن يخالف قانون أدنى (قانون الطوارئ والبلاغات المترتبة عنه) قانونا أعلى (القانون التنظيمي لمجلس النواب)، وإلا فإن الأمر سيشبه تلك الدورية لوزارة الداخلية التي منعت انعقاد دورات المجالس المنتخبة المنظمة بقانون تنظيمي، لذلك، فإن الدول التي تحترم القانون وسمو الدستور والقوانين التنظمية على القوانين العادية، لم تشرّع قانون الطوارئ بقانون عادي وإنما بقوانين تنظيمية.
من الناحية الدستورية أيضا، واستحضارا لمبدأ فصل السلط، مكّن الدستور النائب البرلماني من الحصانة التي تضمن له عدة استثناءات لا تُمنَحُ لغيره من المواطنين، وذلك من أجل حمايته وإطلاق حريته في الدفاع عن قضايا الأمة. بمعنى أن الدستور يضمن لنواب الأمة حق أن لا تتمّ مساواتهم مع باقي المواطنين من قبِيل عدم اعتقالهم إلا في حالة التلبس، وطلب الإذن من المجلس الذي ينتمنون إليه من أجل المتابعة، وعدم التعرض للمنع أو التضييق أثناء عملهم، وغيرها من الحقوق التي لا يتوفر عليه المواطن العادي. بمعنى آخر، لا يمكن للسلطة التنفيذية أن تتدخل في عمل النائب البرلماني أثناء عمله، ولا يحق لها أن تتعرض له لا بالمنع ولا بالتفتيش إلا بما يسمح به قانون المؤسسة التي ينتمي إليه.
وللأسف، لا يوجد في الدستور أو في القانون التنظمي للمحكمة الدستورية ما يسمح للنواب الممنوعين، من التوجه إلى القضاء الدستوري (حامي الحقوق والحريات في البلدان الديمقراطية) من أجل الطعن في هذا المنع، ولا في الطعن في بلاغات الحكومة، ولو أفرجت الأمانة العامة للحكومة على “القانون التنظمي للدفع بعد الدستورية”، لأمكن للمواطنين اللجوء إلى هذه المسطرة، للطعن في قانون الطوارئ نفسه، الذي أطلق للحكومة حرية التصرف في حقوق الإنسان عبر بلاغات، حتى كاد الفرق بين قانون الطوارئ الصحية وحالة الاستثناء أن يكون شبه منعدم!
لذلك، فإن منع النواب من أداء وظيفتهم، لَهوَ تعسّف ما بعده تعسّف، ومن شأنه يضعف المؤسسات التمثيلية (إذا لم تضعف بعد!)، ويجعلها عرضة للسخرية، ويؤثر على الثقة في العملية الانتخابية والمؤسسات الصاردة عنها، إن كانت هناك من بقية لهذه الثقة.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M